كعب بن مالك رضي الله عنه .
4 مشترك
الارتقاء :: إِسْلاَمِي .. عَقِيدَتِي ..قُدْوَتِي .. :: سِيرَةُ الصًّحَابَةُ وَالسَّلَف الصًّالِح وَالعُلَمَاء وَالمُجَاهِدُون
صفحة 1 من اصل 1
كعب بن مالك رضي الله عنه .
وعن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، وكان قائد كعبٍ رضي الله عنه من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالكٍ رضي الله عنه يحدث بحديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. قال كعبٌ: لم أتخلف عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك، غير أني قد تخلفت في غزوة بدرٍ، ولم يعاتب أحدٌ تخلف عنه، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعادٍ. ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدرٍ، وإن كانت بدرٌ أذكر في الناس منها.
وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوةً إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرٍ شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدداً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله كثيرٌ ولا يجمعهم كتابٌ حافظٌ "يريد بذلك الديوان"، قال كعبٌ: فقل رجلٌ يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى به ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معه، فأرجع ولم أقض شيئاً، وأقول في نفسي: أنا قادرٌ على ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئاً، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوةً، إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله تعالى من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالسٌ في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالكٍ ؟ فقال رجلٌ من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه، والنظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: بئس ما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبينا هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً يزول به السراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعبٌ: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غداً وأستعين على ذلك بكل ذي رأيٍ من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج منه بشيءٍ أبداً، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إذا قدم من سفرٍ بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت. فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ! قال: قلت: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذرٍ؛ لقد أعطيت جدلاً، ولكنني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذبٍ ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، وإن حدثتك حديث صدقٍ تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل، والله ما كان لي من عذرٍ، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك، وسار رجالٌ من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحدٍ؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك، قال: قلت: من هما ؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي ؟ قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً فيهما أسوةٌ. قال: فمضيت حين ذكروهما لي. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال : فاجتنبنا الناس - أو قال: تغيروا لنا - حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلةً. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحدٌ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي.....
أكمل معكن القصة أحبتي وهي نقلا من كتاب رياض الصالحين لكن في الحلقة القادمة بإذن الله.
وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوةً إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرٍ شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدداً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله كثيرٌ ولا يجمعهم كتابٌ حافظٌ "يريد بذلك الديوان"، قال كعبٌ: فقل رجلٌ يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى به ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معه، فأرجع ولم أقض شيئاً، وأقول في نفسي: أنا قادرٌ على ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئاً، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوةً، إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله تعالى من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالسٌ في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالكٍ ؟ فقال رجلٌ من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه، والنظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: بئس ما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبينا هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً يزول به السراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعبٌ: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غداً وأستعين على ذلك بكل ذي رأيٍ من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج منه بشيءٍ أبداً، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إذا قدم من سفرٍ بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت. فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ! قال: قلت: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذرٍ؛ لقد أعطيت جدلاً، ولكنني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذبٍ ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، وإن حدثتك حديث صدقٍ تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل، والله ما كان لي من عذرٍ، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك، وسار رجالٌ من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحدٍ؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك، قال: قلت: من هما ؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي ؟ قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً فيهما أسوةٌ. قال: فمضيت حين ذكروهما لي. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال : فاجتنبنا الناس - أو قال: تغيروا لنا - حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلةً. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحدٌ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي.....
أكمل معكن القصة أحبتي وهي نقلا من كتاب رياض الصالحين لكن في الحلقة القادمة بإذن الله.
أنسي بالله***- مشرفة
- عدد الرسائل : 74
الموقع : في الواحة الخضراء .
العمل/الترفيه : طالبة جامعية .
تاريخ التسجيل : 18/12/2008
رد: كعب بن مالك رضي الله عنه .
جزاااك الله خيرا على الرغم من أنني سمعت القصة عدة مرات إلا أنني أنجذب معها في كل مرة أسمعها
ننتظر الجزء الثاني
ننتظر الجزء الثاني
رد: كعب بن مالك رضي الله عنه .
أكمل معكن حبيباتي الجزء الثاني من القصة .....
...فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار. فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطيٌ من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالكٍ ؟ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتاباً من ملك غسان، وكنت كاتباً. فقرأته فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوانٍ ولا مضيعةٍ، فالحق بنا نواسك فقلت حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء فتيممت بها التنور فسجرتها، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها، أم ماذا أفعل ؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن هلال ابن أمية شيخٌ ضائعٌ ليس له خادمٌ، فهل تكره أن أخدمه ؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك. فقالت: إنه والله ما به من حركةٍ إلى شيءٍ، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد اذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ؟ فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته وأنا رجلٌ شابٌ ! فلبثت بذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خمسون ليلةً من حين نهي عن كلامنا.
ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلةٍ على ظهر بيتٍ من بيوتنا، فبينا أنا جالسٌ على الحال التي ذكر الله تعالى منا، قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخٍ أوفى على سلعٍ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالكٍ أبشر، فخررت ساجداً، وعرفت أنه قد جاء فرجٌ. فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجلٌ إلي فرساً وسعى ساعٍ من أسلم قبلي وأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئونني بالتوبة ويقولون لي: لتهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجلٌ من المهاجرين غيره، فكان كعبٌ لا ينساها لطلحة. قال كعبٌ: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: أبشر بخير يومٍ مر عليك مذ ولدتك أمك، فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال: لا بل من عند الله عز وجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمرٍ، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك، فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر. وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت، فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى، والله ما تعمدت كذبةً منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي، قال: فأنزل الله تعالى: " لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذينَ اتَّبَعُوهُ في ساعَةِ الْعُسْرَةِ " حتى بلغ: " إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيْمٌ. وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهَمُ الأَرضُ بِمَا رَحُبَتْ " حتى بلغ: " اتَّقُوا الله وكُونُوا معَ الصَّادِقِينَ " التوبة: 117، 119، قال كعبٌ: والله ما أنعم الله علي من نعمةٍ قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا؛ إن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحدٍ، فقال الله تعالى: " سَيَحْلِفُونَ باللهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ ومَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كانُوا يَكْسِبُون. يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عنْهُمْ فإنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقينَ " التوبة: 95، 96.
قال كعبٌ: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله تعالى فيه بذلك؛ قال الله تعالى: " وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفُوا " وليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. متفقٌ عليه.
نقلا من كتاب رياض الصالحين.
والله إن في القصة لدروووس عظيمة .... و مغازٍ كثيرة .
أرجو من كل من تقرأها أن تكتب شيئا مما استفادته منها .
نفع الله بالجميع .
...فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار. فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطيٌ من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالكٍ ؟ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتاباً من ملك غسان، وكنت كاتباً. فقرأته فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوانٍ ولا مضيعةٍ، فالحق بنا نواسك فقلت حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء فتيممت بها التنور فسجرتها، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها، أم ماذا أفعل ؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن هلال ابن أمية شيخٌ ضائعٌ ليس له خادمٌ، فهل تكره أن أخدمه ؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك. فقالت: إنه والله ما به من حركةٍ إلى شيءٍ، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد اذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ؟ فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته وأنا رجلٌ شابٌ ! فلبثت بذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خمسون ليلةً من حين نهي عن كلامنا.
ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلةٍ على ظهر بيتٍ من بيوتنا، فبينا أنا جالسٌ على الحال التي ذكر الله تعالى منا، قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخٍ أوفى على سلعٍ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالكٍ أبشر، فخررت ساجداً، وعرفت أنه قد جاء فرجٌ. فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجلٌ إلي فرساً وسعى ساعٍ من أسلم قبلي وأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئونني بالتوبة ويقولون لي: لتهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجلٌ من المهاجرين غيره، فكان كعبٌ لا ينساها لطلحة. قال كعبٌ: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: أبشر بخير يومٍ مر عليك مذ ولدتك أمك، فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال: لا بل من عند الله عز وجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمرٍ، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك، فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر. وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت، فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى، والله ما تعمدت كذبةً منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي، قال: فأنزل الله تعالى: " لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذينَ اتَّبَعُوهُ في ساعَةِ الْعُسْرَةِ " حتى بلغ: " إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيْمٌ. وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهَمُ الأَرضُ بِمَا رَحُبَتْ " حتى بلغ: " اتَّقُوا الله وكُونُوا معَ الصَّادِقِينَ " التوبة: 117، 119، قال كعبٌ: والله ما أنعم الله علي من نعمةٍ قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا؛ إن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحدٍ، فقال الله تعالى: " سَيَحْلِفُونَ باللهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ ومَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كانُوا يَكْسِبُون. يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عنْهُمْ فإنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقينَ " التوبة: 95، 96.
قال كعبٌ: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله تعالى فيه بذلك؛ قال الله تعالى: " وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفُوا " وليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. متفقٌ عليه.
نقلا من كتاب رياض الصالحين.
والله إن في القصة لدروووس عظيمة .... و مغازٍ كثيرة .
أرجو من كل من تقرأها أن تكتب شيئا مما استفادته منها .
نفع الله بالجميع .
أنسي بالله***- مشرفة
- عدد الرسائل : 74
الموقع : في الواحة الخضراء .
العمل/الترفيه : طالبة جامعية .
تاريخ التسجيل : 18/12/2008
رد: كعب بن مالك رضي الله عنه .
صدقت والله إنها مليئة بالدروس والعبر
راائعة القصة رغم تكررها على مسامعي إلا أنها تبقى رائعة
سبحان الله بعد كل شدة فرج ويسر
ومن صدق مع الله أنجاه الله
تهنئة الناس بما نزل بهم يفرحهم ويبقى أثره في قلوبهم
كيف لا.. بعد أن شعر أن هناك من شاركه فرحه
من الحكمة السعي للسعادة الأبدية على حساب السعادة المؤقتة
نفع الله بك أنسي بالله وجمعنا بك في جنانه .. اللهم آميين
همة راقية- نائب المدير
- عدد الرسائل : 160
الموقع : في العلياء بإذن الله
العمل/الترفيه : طلب العلم
تاريخ التسجيل : 17/12/2008
رد: كعب بن مالك رضي الله عنه .
جزاك الله خيرا همة راقية ....
ما لفت نظري فعلا >>> صدق واصرار كعب بن مالك رضي الله عنه, على التوبة
فمع تتاعب ألوان البلاء عليه >> الا أنه بقي مصرا على توبته رضي الله عنه .
اللهم ارزقنا توبة صادقة نصوح قبل الممات يارب العالمين .
ما لفت نظري فعلا >>> صدق واصرار كعب بن مالك رضي الله عنه, على التوبة
فمع تتاعب ألوان البلاء عليه >> الا أنه بقي مصرا على توبته رضي الله عنه .
اللهم ارزقنا توبة صادقة نصوح قبل الممات يارب العالمين .
أنسي بالله***- مشرفة
- عدد الرسائل : 74
الموقع : في الواحة الخضراء .
العمل/الترفيه : طالبة جامعية .
تاريخ التسجيل : 18/12/2008
رد: كعب بن مالك رضي الله عنه .
إنها من روائع القصص قصة كعب بن مالك ..أي بلاء عظيم مر به ..
قد يعرض عنا أخ قريب فنتأثر لذلك ولعلنا نشتكي ذاك الأعراض لأحد من الناس ..
فكيف به رضي الله عنه وقد أعرض عنه الجميع حتى زوجته أمر أن يعتزلها ..فلا من يشتكي إليه إلا الله ..وتأتي البشارة بعد خمسين يوما ضاقت فيها عليه الأرض بما رحبت ..وضاقت عليه نفسه ..فلامفر من الله إلا إليه ...فصدق مع الله فأنجاه الله ..
لكن ماوقع في نفسي حيال هذه القصه ..هو أي معنى للأخوة تجلى من .. موقف معاذ بن جبل ؟؟؟
فتح الله عليك أخيتي أنسي بالله وجمعنا الله وإياكم على سرر متقابلين ..اللهم آمين..
قد يعرض عنا أخ قريب فنتأثر لذلك ولعلنا نشتكي ذاك الأعراض لأحد من الناس ..
فكيف به رضي الله عنه وقد أعرض عنه الجميع حتى زوجته أمر أن يعتزلها ..فلا من يشتكي إليه إلا الله ..وتأتي البشارة بعد خمسين يوما ضاقت فيها عليه الأرض بما رحبت ..وضاقت عليه نفسه ..فلامفر من الله إلا إليه ...فصدق مع الله فأنجاه الله ..
لكن ماوقع في نفسي حيال هذه القصه ..هو أي معنى للأخوة تجلى من .. موقف معاذ بن جبل ؟؟؟
فتح الله عليك أخيتي أنسي بالله وجمعنا الله وإياكم على سرر متقابلين ..اللهم آمين..
أم أسامه- عضوة جديدة
- عدد الرسائل : 8
الموقع : https://al-ertiqa.yoo7.com/profile.forum
العمل/الترفيه : استاذه
تاريخ التسجيل : 25/02/2009
مواضيع مماثلة
» الذكر بالاسم المفرد الله الله
» --معاذ بن جبل-- رضي الله عنه
» تقوى الله ~
» صقر يوم اليمامة>>زيد بن الخطاب<<رضي الله عنه..
» خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-
» --معاذ بن جبل-- رضي الله عنه
» تقوى الله ~
» صقر يوم اليمامة>>زيد بن الخطاب<<رضي الله عنه..
» خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-
الارتقاء :: إِسْلاَمِي .. عَقِيدَتِي ..قُدْوَتِي .. :: سِيرَةُ الصًّحَابَةُ وَالسَّلَف الصًّالِح وَالعُلَمَاء وَالمُجَاهِدُون
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى